كثيرًا ما نتمنى لو أن الحياة تمنحنا فرصة ثانية لتصحيح أخطائنا أو تحقيق أحلامنا المؤجلة، وهذه الفكرة الملهمة هي جوهر مسلسل “عايشة الدور”، الذي يطرح تساؤلًا: ماذا لو عشنا شبابنا من جديد؟ لكن ما بدأ كفكرة لامعة، سرعان ما تحول إلى مأزق درامي، ليؤكد أن الأفكار وحدها لا تكفي لنجاح العمل الفني.
تدور أحداث المسلسل حول امرأة مطلقة وأم لطفلين، تجد نفسها أمام فرصة استثنائية للعودة إلى مقاعد الجامعة متنكرة في شخصية ابنة شقيقتها. فتعيش حياتين متناقضتين: أم مسؤولة في النهار، وطالبة مرحة في الليل. وبين هذين العالمين، تواجه تحديات ضخمة، غير أن الخطوط الدرامية الجانبية – من علاقات عاطفية ومشاكل اجتماعية – جاءت ضعيفة ومبعثرة.
رغم تميز الفكرة، إلا أن التنفيذ لم يرتقِ للمستوى المطلوب، خاصة في أداء دنيا سمير غانم لشخصية الأم “عايشة”، حيث بدت متصنعة في مظهرها واعتمدت على نصائح مباشرة أقرب إلى خطاب وعظي، بينما تألقت في شخصية الطالبة الجامعية القريبة من شخصيتها الحقيقية، مقدمة أداءً خفيفًا واستعراضيًا لافتًا. هذا التباين أعاد للأذهان تجربة سعاد حسني في فيلم “صغيرة على الحب” (1966)، التي أبدعت في تجسيد الأدوار المتناقضة، على عكس دنيا التي برزت في جانب واحد فقط.
ويُحسب للعمل أداء بعض الممثلين الذين ركزوا على شخصيات محددة دون ازدواجية، مثل نور محمود، فدوى عابد، وأحمد عصام السيد، إضافة إلى مجموعة من الشباب الذين قدموا أدوارًا متقنة.
ورغم أن المسلسل جاء في 15 حلقة فقط، إلا أنه لم يسلم من المط والإطالة، إذ كان بالإمكان اختصاره إلى 10 حلقات أكثر تماسكًا. فالحلقات الوسطى عانت من تشتت واضح، وإقحام استعراضات ومواقف فرعية لا ضرورة لها، مثل الرحلة السياحية إلى أسوان. كما أن صورة الطلاب الجامعيين بدت سطحية، وكأن كل همهم الحفلات والموسيقى، ما أضعف مصداقية البيئة الدرامية.
في النهاية، كشف “عايشة الدور” عن مأزق متكرر في الدراما: الرغبة في خلط كل شيء في عمل واحد – كوميديا، دراما اجتماعية، استعراضات موسيقية – ففقد العمل هويته الحقيقية وبساطته. وبرغم اجتهاد بعض الممثلين، إلا أن النتيجة جاءت أقرب إلى درس أخلاقي مباشر منها إلى تجربة درامية متماسكة، ما جعل النهاية التقليدية المتوقعة أكثر افتعالًا من كونها حلًا منطقيًا للأحداث.