كيف شيّد أهل عسير المدرجات الزراعية لحفظ الأرض والمياه وسط الجبال؟

الإنسان من زمان كان دايمًا بيبدع في إيجاد حلول لاحتياجاته الأساسية زي الأكل والمية، حتى لو كانت الظروف صعبة والطبيعة قاسية وده كان واضح في أساليب بناء المدرجات الزراعية في منطقة عسير، اللي قدرت تحافظ على الأرض وتوفير المياه وسط الجبال العالية.
الفكرة من بناء المدرجات الزراعية كانت بسيطة، بس في نفس الوقت عبقرية وأول حاجة بيعملوها الأهالي هي بناء جدران حجرية تسمى “الثمايل”، ودي عبارة عن أسوار من الحجارة توضع فوق صخور ثابتة، عشان تمنع انزلاق التربة وتحجز المساحة الزراعية والثمايل دي ممكن توصل لارتفاعات كبيرة، من مترين لحد ستة أمتار أو أكتر، وبتكون أساس المدرج الزراعي.
الباحث أحمد مريف البارقي بيقول إن الثمالة، وهي وحدة الثمايل، عبارة عن أسوار حجرية بتبني عشان تحجز مساحة أرض جبلية بتكون منحدرة والمميز إنهم لما يخلصوا بناء السور، بيردموه بالطين والتربة والأحجار عشان يبقى سطح الأرض مستوي وقابل للزراعة.
وفي بعض الأحيان، بيستخدموا جذوع الأشجار زي شجر العرعر والسدر، عشان يقوّوا السور ويحموه من الانهيار، خصوصًا في وقت الأمطار الغزيرة وده بيوضح إزاي إنهم استغلوا مكونات البيئة المحيطة وابتكروا حلولًا عملية وصامدة ضد التحديات البيئية.
لكن مش الثمايل بس اللي بتخدم الزراعة، فيه كمان حاجة اسمها “المغيض”، وهي نظام معماري بيستخدم لسقاية الحقول الزراعية وتصريف المياه الزائدة والمغيض ده بيبني في أعلى نقطة من الأرض الزراعية عشان يحتجز أكبر كمية من مياه الأمطار، وفي نفس الوقت يسمح للمياه الزائدة تتسرب بدون ما تتسبب في انهيار الأرض الزراعية.
الباحث البارقي كمان بيشير إلى إن قديماً، كان البناءين بيستخدموا الحجر المربع أو الطويل في بناء المغيض، ومع مرور الوقت كان بيضاف الحجر المسطح المصقول عشان يضبط تدفق المياه ويمنع أي تجمع غير مرغوب فيه.
الدكتور غيثان بن جريس من جامعة الملك خالد بيقول إن الأنماط الهندسية المعقدة دي بتدل على حضارة قديمة كانت قادرة على التكيف مع التحديات البيئية والتغلب عليها بطرق مبتكرة وده مش بس بيساعد في الحفاظ على الأراضي الزراعية، لكن كمان بيحدد ملكية الأرض، لأن الأسوار دي كانت تميز حدود الأراضي بين الأسر والعشائر.
بالمجمل، المدرجات الزراعية في عسير مش بس دليل على إبداع الإنسان، لكنها كمان تعبير عن علاقة عميقة بالبيئة وقدرة على الاستفادة منها بطريقة مستدامة.